تحذيرات مصرية صارمة واتهامات دولية لإسرائيل بتعطيل المساعدات
رفح، شمال سيناء – تقرير خاص يكتبه أشرف جابر
يبدو أن العالم كله أصبح ينظر لمعبر رفح، باعتباره الشريان الحيوي الوحيد المتبقي لقطاع غزة المحاصر، في ظل معاناة غير مسبوقة، لأكثر من مليوني فلسطيني يواجهون كارثة إنسانية متفاقمة جراء الاعتداءات الإسرائيلية المستمرة.
وزير الخارجية المصرية ورئيس وزراء فلسطين من أمام المعبر
وفي تطور لافت، جدّد وزير الخارجية المصري الدكتور بدر عبدالعاطي، خلال مؤتمر صحفي مشترك مع رئيس الوزراء الفلسطيني محمد مصطفى اليوم، رفض مصر القاطع لأي محاولات لتهجير الفلسطينيين أو تغيير التركيبة السكانية في قطاع غزة عبر ما وصفه بسياسة “الأرض المحروقة”. وأكد أن القاهرة تواصلت مع دول ورد اسمها في خطط التهجير، وقد أعلنت جميعها رفض تصفية القضية الفلسطينية.
كما أعلن عبدالعاطي استعداد مصر للمشاركة في أي قوة دولية تنتشر في غزة بقرار من مجلس الأمن، شريطة أن تُمنح صلاحيات واضحة ضمن إطار سياسي محدد، مشددًا على أن نشر قوات دون أفق سياسي “ليس منطقيًا ولا مجديًا”. وانتقد آلية توزيع المساعدات عبر ما يُعرف بـ”مؤسسة غزة”، معتبرًا أنها تفتقر للمعايير الإنسانية والقانونية، مؤكداً على ضرورة استعادة وكالة الأونروا دورها المركزي في إيصال المساعدات بشكل منظم وعادل.
من جانبه، ثمّن رئيس الوزراء الفلسطيني محمد مصطفى الدور المصري الداعم للقضية الفلسطينية ووصفه بـ”السد المنيع” أمام خطط التهجير، مؤكدًا أن الحكومة الفلسطينية هي الجهة الوحيدة المخوّلة بإدارة شؤون القطاع. وأعلن عن قرب تشكيل لجنة مؤقتة لإدارة غزة، ودعا إلى وقف استخدام التجويع كسلاح ضد المدنيين، مؤكداً أن معبر رفح يجب أن يكون بوابة للحياة.
المؤتمر، الذي شهد مشاركة وزيرة التضامن الاجتماعي المصرية مايا مرسي، عكس وحدة الموقفين المصري والفلسطيني سياسيًا وإنسانيًا تجاه غزة وحقوق شعبها.
تصريحات قوية ومباشرة لمحافظ شمال سيناء من أمام المعبر
وفي مقابلة أجرتها مجلة “Ponte Sud” الإيطالية مع اللواء الدكتور خالد مجاور، محافظ شمال سيناء، (ونقلتها بكثافة وسائل الإعلام الإقليمية والدولية) حذر المسؤول المصري الكبير إسرائيل من أي اقتراب من الحدود المصرية، مؤكداً أن رد مصر سوف “يفاجئ العالم كله”. وصف المحافظ الوضع بأنه “تعسف من جانب المحتل”، مشيراً إلى التفاوض اليومي على كل شحنة مساعدات مستمر على مدار الساعة، وسط ضغوط دولية متزايدة تشمل اتجاه فرنسا ودول أخرى للاعتراف بدولة فلسطين، ومشاركة دول مثل الأردن والإمارات وألمانيا وإسبانيا في الإنزال الجوي، ضمن الجهود الإغاثية.
يأتي هذا التحذير القوي في سياق تصاعد التوترات الإقليمية، حيث أصبح المعبر رمزاً للمعاناة الإنسانية في غزة، مع تراكم آلاف الشاحنات المحملة بالمساعدات خارج الحدود بسبب العقبات الإسرائيلية. وفقاً لتقارير منظمة الأمم المتحدة للإغاثة والتشغيل للاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، فإن إسرائيل تتحمل المسؤولية الكاملة عن حجب المساعدات، مما يفاقم من كارثة الجوع والمرض في القطاع.
في تقريرها الصادر في يونيو 2025، أشارت الأونروا إلى تصعيد العمليات العسكرية الإسرائيلية بعد انهيار وقف إطلاق النار في مارس، مما أدى إلى تعليق شحنات المساعدات عبر المعبر الرئيسي، وأكدت على أن آلاف الشاحنات محملة بالغذاء والأدوية تنتظر سماح سلطات الاحتلال الإسرائيلي بالدخول.
الوضع الحالي: رفح كـنقطة جوهرية لمواجهة الكارثة الإنسانية
معبر رفح، الذي يربط غزة بمصر، هو الطريق الوحيد المتبقي لإدخال المساعدات بعد إغلاق معابر إسرائيلية أخرى. ومع ذلك، يواجه القطاع كارثة إنسانية غير مسبوقة، حيث يعاني كل منزل من الجوع، كما حذرت السلطة الفلسطينية في بيان أصدرته في أغسطس 2025، مطالبة بضغط دولي على إسرائيل لفتح المعابر، ورفع يدها عن الجانب الفلسطيني من معبر رفح.
تقارير منظمة هيومن رايتس ووتش في نوفمبر 2024 (ممتدة إلى 2025) وصفت الوضع بأنه “يائس وجائع ومحاصر”، مشيرة إلى أن النزوح القسري للفلسطينيين في غزة يعتمد على تقييد المساعدات كسلاح.
كما أفادت منظمة اللاجئين الدولية بأن إسرائيل تعرقل عمليات الإغاثة بشكل منهجي، مما يؤدي إلى تكدس آلاف الشاحنات على الحدود المصرية.
وفي يوليو المنصرم، أعلنت إسرائيل عن “وقفات إنسانية مؤقتة” مما سمح بدخول بعض الشاحنات عبر رفح، كما وثقته صور، تظهر شاحنات تدخل غزة تحت إشراف مصري.
ومع ذلك، ورغم الجهود المصرية المضنية، يظل الوضع هشاً، حيث أدت عمليات النهب والفوضى الناتجة عن السيطرة الإسرائيلية إلى تعليق بعض الشحنات، كما أبلغت الأمم المتحدة في ديسمبر 2024 (مع استمرار المشكلة في 2025).
تداولات على وسائل التواصل الاجتماعي، تبرز صوراً وشهادات من غزة تظهر الجوع المنتشر، مع هاشتاجات مثل RafahCrossing وGazaAid تكشف عن آلاف الشاحنات المعطلة، مما يعكس الغضب الدولي المتزايد ضد السلوك الإسرائيلي الإجرامي.
جهود مصر المضنية: الدبلوماسية والإغاثة في مواجهة التحديات
تكثف مصر جهودها لتسهيل دخول المساعدات، كما أكد محافظ شمال سيناء في المقابلة، حيث يتم التفاوض يومياً مع الجانب الإسرائيلي على كل كرتونة حتى الساعة السادسة مساءً، وإعادة تجهيز ما يُرفض.
وفي رد مكتوب قدمته مصر إلى محكمة العدل الدولية في مايو 2025، أعلنت عن رفض إسرائيل لدخول جميع المساعدات في مارس، مما دفع القاهرة إلى تنسيق مع دول أخرى لإيصال الإغاثة عبر الجو والبر والبحر.
شاركت مصر في مبادرات دولية مثل “القافلة الدبلوماسية الإنسانية” في مايو 2025، التي دعت إلى كسر الحصار وإنهاء استخدام الجوع كسلاح.
وتضغط مصر بقوة في تسهيل دخول شاحنات الإغاثة، كما حدث طوال يوليو 2025 عندما قبلت إسرائيل وقفاً مؤقتاً، مما سمح بدخول المساعدات تحت إشراف مصري، كما وثقته تقارير دولية.
ومع ذلك، تواجه مصر عقبات هائلة، بما في ذلك الضغوط الأمنية على حدودها، حيث حذر المحافظ من أي محاولة إسرائيلية للاقتراب، مؤكداً جاهزية مصر للدفاع عن سيادتها.
شهادات المنظمات الدولية: إسرائيل تتحمل المسؤولية الكاملة
تُحمّل منظمات دولية مثل الأونروا إسرائيل مسؤولية حجب المساعدات، مما يؤدي إلى تفاقم الجوع والمرض في غزة. في بيان صادر في يوليو 2025، رحبت الأونروا بوقفات إنسانية مؤقتة، لكنها أعربت عن أمل في السماح بدخول آلاف الشاحنات المحملة بالغذاء والأدوية، محملة إسرائيل مسؤولية التعطيلات السابقة.
كما أصدرت الأونروا تقريراً في يونيو يصف تصعيد العمليات الإسرائيلية كعامل رئيسي في تعليق الإغاثة.
منظمة أطباء بلا حدود، نددت في وقت سابق هذا العام، بقرار إسرائيل حظر الأونروا، معتبرة ذلك ضربة قاتلة للإغاثة الإنسانية.
أما “هيئة الإغاثة الطبية الدولية”، فقد وثقت في يوليو 2025 كيف أن قيود إسرائيل على الإمدادات الطبية، من المورفين إلى مقابض السكاكين الجراحية، أدت إلى وفيات كان يمكن تجنبها
منظمة “الحق الفلسطينية” أكدت أن إعاقة المساعدات جزء من حملة إبادة جماعية إسرائيلية
وفي تقرير لمكتب تنسيق الشؤون الإنسانية (OCHA)، تم توثيق حركة البضائع عبر المعابر، مشيراً إلى انخفاض كبير في الشحنات بسبب السيطرة الإسرائيلية.
دعوة للعمل الدولي
مع استمرار الحرب، يبقى معبر رفح أملاً هشاً لأهل غزة، وسط جهود مصر الدبلوماسية والإنسانية المضنية. الشهادات الدولية تؤكد مسؤولية إسرائيل عن الكارثة، مطالبة بفتح المعابر فوراً. في ظل تداولات واسعة على المنصات الرقمية والإعلامية، يتزايد الضغط العالمي لإنهاء هذه المعاناة، مع آمال في وقف إطلاق نار دائم يعيد الأمل إلى القطاع المدمر.